الجمعة، 10 أغسطس 2012

رغبة قصة قصيرة


                                                   رغبة / قصة قصيرة
على الرغم من إغراق " ساهرة " تلك الأم الرءوم في النوم  متأخراً  لشدة تعبها نهاراً ، وفي سبيل راحة  طفلها الودود  "محسن " ليلا ً ، الذي بدت أحاسيسه ومشاعره تتجه نحو الأشياء الطبيعية فيأنس بها ؛ إذ يومئ لها بلحاظ عينيه المورقتين كأنّها غدير ماء رقراق في غابة خضراء  إلا أنّها استيقظت مدهوشة  للتو بسبب بكائه المفاجئ .
اعتادت " ساهرة " في الليالي الحارة أن تصعد بولدها المدلل إلى سطح الدار عند انطفاء التيار الكهربائي  في فصل الصيف قهراً ، حيث الهواء برقته مع صفائه وسكون الليل بشفافيته  ، فلا أصوات ولا ضجيج تسمع إلا ما ندر .
 أخذت توادده حيناً ، وتهمس في أذنه حيناً ، وتحنو بيدها على صدره ، فتضمّه ، وتشمّه ، لكنّه ازداد شدة في بكاء غير اعتيادي .
لم تشعر أمّه في حينه أنّ عيونه ترنو إلى شيء ما ، ولم تنتبه أنّ يده اليسرى تؤمي إلى الأعلى ؛ لتمسك شيئاً تناله  ، فالظلمة إلى الأرض عامة  في كل جانب  ، والضياء في أطراف السماء  يبدو منتشراً بطلعة القمر المنير .
ألحّت في تحننها على " محسن " ولم تفلح في أن تهدأ من روعه في هدأة الليل البهيم ، فانتابها من الحزن الذي يصيب كلّ أمّ تسهر من أجل أولادها .
وأخذت  " ساهرة " تنظر  إلى حركة يده نحو الأعلى سرعان ما انتبهت  إليه ، وهو ينظر إلى الأعلى ، ويبكي بحسرة ولوعة  غارقة بالدموع ولهفة ظامئة للقاء .
وأغرقت في حيرة من أمر ولدها إنّه يومئ إلى هالة القمر ويريد أن يمكسه فلا تصل يده ، أخذت تفكر برهة من الزمن  ، ماذا تعمل لجلب  نور غير محسوس إلا بالرؤية ؟ .
أعيتها الحيلة ، فلم تستطع ، ثم فكرت ملياً بأن تجلب له قدح ماء ريثما يشرب منه فيبرد قلبه بعد عناء من البكاء وذرف الدموع ، ثم سكت الطفل فجأة إذ شعر بوجود القمر أمامه في قدح ماء رقراق ، فتعجبت " ساهرة " ضاحكة مستبشرة أنّ سبب بكاء " محسن " رؤيته نور القمر الوضاء في كبد السماء !!! .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق